في هذه المقاله المتعلق حول منطلقات أساسية للحديث عن الوقت نستعرض اهم التفاصيل والمعلومات في الفقرات التاليه عبر موقع الايام

منطلقات أساسية للحديث عن الوقت

إن من يريد أن يتحدث عن الوقت لا بد أن يضع له منطلقات أساسية يؤكد فيها دوافعه للحديث عن أهمية هذا الموضوع ..

– المنطلق الأول : الوقوف عند الهدف من وجودنا .

لو القينا هذا التساؤل على أنفسنا :

ما الهدف من وجودنا؟! لكانت إجابتنا جماعية هي: إن الهدف هو القيام بعبادة الله وحده امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات : ٥٦] . وإذا كانت عبادة الله تعالى هي الغاية وهي الحياة فياترى ما هي علاقة العبادة بالوقت؟ الهدف من وجودنا في هذه

العبادة كما يعرفها العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا أمكننا معرفة ذلك أمكننا القول بأنه ليس هناك وقت للعبادة في حياة الإنسان ووقت آخر لغير العبادة والذين يظنون أن وقت العبادة هو أوقات الصلوات الخمس أو هو وقت رمضان حينما يصومون فريضة الله ، أو حينها يؤدون الحج أو حينها يؤدون أركان الإسلام الأساسية المحددة بزمان وربها – بمكان معينين الذين يفهمون ذلك على أنه هو العبادة وحدها الأشياء هي الأشياء أولئك مخطئون في الفهم، نعم إن هذه الأشياء الأساسية في الدين ولكن مفهوم العبادة أشمل من هذا. مفهوم العبادة الصحيح هو : أن يتصور الإنسان دائماً وأبداً أنه

عبد الله سواءً كان في الصلاة أو خارجها، سواء كان في حال السراء أو الضراء، وسواء كان في حال اجتماع الناس أو في حال انفراده، حينما ينطلق المسلم من هذا المنطلق يكون في عبادة الله تعالى، ولذلك يعتبر أي عمل يقوم به مادام مراعياً جانب الله تعالى، ومادام يشعر بمراقبة الله تعالى له فإنه يعتبر في عبادة الله ، حتى النفقة التي ينفقها على أهله بل حتى وهو يقضي شهوته في الحلال هو في عبادة الله تعالى وحده، وعندما نعي المفهوم الصحيح للعبادة يكون هذا عاملاً مساعداً لنا على استثمار أوقاتنا فيهما ينفع بل إننا حينما نضيع وقتنا دون فائدة فإنما نخل بمفهوم العبادة الصحيح، وأنت أيتها المرأة المسلمة، وأنت تزاولين حفظ ما استرعاك الله تعالى في بيتك من أمانات من مال الزوج أو عرضه أو تربية أبنائه أو أي عمل آخر تقومين به في البيت، حينما يكون ذلك منك بنية صادقة وهدف نبيل إنها يتحول إلى عبادة تؤجرين عليها.

وافدة النساء : الله تديري أختي المسلمة هذا الحوار من امرأة مسلمة لعل فيها قدوة لك، هذه المرأة هي أسماء بنت يزيد بن السكن رضي

تعالى عنها، وهي المرأة التي أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو

في أصحابه فقالت : باي أنت وأمي يارسول الله أنا وافدة النساء إليك، إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهراتكم، وحاملات ،أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا في الجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل – إلى أن تقول – وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم، أفلا نشارككم في هذ الأجر؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه

كله ثم قال : هل سمعتم بمقالة امرأة قط أحسن من مسائلها في أمر دينها من هذه المرأة فقالوا : يارسول الله ماظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت

النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال : افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله»، فانصرفت وهي ،تهلل روى ذلك ابن حجر في الإصابة

ورواه أيضاً الذهبي في سير أعلام النبلاء وغيرهم. إذا والمرأة تزاول هذه الأعمال التي ربما تتصور بعض النساء وهي تزاولها أنها إنها تزاول أموراً قد لا تؤجر عليها أو قد تقول لا فائدة منها بالنسبة لأمر الآخرة والحق أن ذلك من أمر العبادة الذي تؤجر عليه لكن بشرط أن تضع في ذهنها مرضاة الله سبحانه وتعالى وخدمة زوجها وأن تقصد بذلك التقرب إلى الله تعالى المنطلق الثاني : قصر أعمار هذه الأمة بالنسبة للأمم التي قبلها: فالأمم التي قبلنا قد مد الله تعالى في أعمار أصحابها حتى ليتجاوز عمر الإنسان منهم الألف سنة، وتعلمون بالنسبة لنوح عاماً، وخمسين عليه السلام أن عمر الدعوة فقط الذي مكنه مع قومه تسعمائة وعليه إذا كانت أعمار الأمم طويلة فإن أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم قصيرة جداً. يقول الرسول صلى الله

عليه وسلم فيها : أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز

ذلك . فإذا قارنا بين هذا العمر القصير وبين هذه الأعمار المديدة للأمم قبلنا، أدركنا أهمية الوقت بالنسبة لنا وأدركنا الحاجة الماسة إلى استغلال كل نفس من أنفاسنا وكل لحظة من لحظات عمرنا ، هذا فضلاً عن أن الإنسان حتى لو عُمر هذا العمر القصير فإنه يبدأ ضعيفاً ثم ينتهي ضعيفاً ، فهناك سنوات في البداية وسنوات في النهاية قد لا يكون استفادته منها على الوجه المطلوب، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام ساعات العمر قبل اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، أخرجه أحمد بسند صحيح . وقد انتبه إلى هذا جهابذة

سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم فشبهوا عمر وساعاته تشبيهاً دقيقاً فهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يشبه عمر الإنسان بساعاته وأيامه وسنواته فيقول : والسنة شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها والأنفاس ثمرها فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرة الإنسان

طيبة المنطلق الثالث : سرعة الزمن : وسرعة الزمن كثيراً ما نتحدث عنها فنقول ما أسرع الزمن وما – أقصر الوقت، وهذا القول له أصل في الحقيقة فالزمن سيف بتار وهو لا ينتظر الغافلين المعرضين حتى يستيقظوا، بل إن كل نفس يتنفسه الإنسان هو من عمره وهو جوهرة ثمينة، وكل يوم تغيب شمسه لا يعود إلى الدنيا مرة أخرى كسب فيه من كسب وخسر فيه من خسر، وسيكون هذا اليوم الغائب شاهداً للإنسان أو شاهداً عليه . يروى عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يابن آدم أنا خلق جديد على عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم

القيامة»، وكلما كان الإنسان سليماً معافاً كان الوقت في نظره أقصر، وعلى كل حال فالزمن ماض حتى ولو كان الإنسان بضد

ذلك، يقول الشاعر :

 مرت سنين بالوصال وبالهنا

 فكأنها من قصرها أيام

 ثم انقضت أيام هجر بعدها

فكأنها من طولها أعوام

ثم انقضت تلك السنون وأهلها

فكأنها وكأنهم أحلام

 والذين يدركون سرعة الزمن هذه هم الذين يوفقهم الله لاغتنام ساعاته بما يفيد ولذلكم يروى عن عبدالله بن مسعود

رضي الله تعالى عنه أنه قال : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه

أجلي ولم يزد فيه عملي». وروي عن حكيم قوله : من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه .

المتطلق الرابع : إن الوقت إذا لم يقض بالخير قضي بضده : بالخير شغلتك وتلك مسألة لا يتنازع فيها الناس فالنفس إن لم تشغلها بالشر هي الملاحظ أن الذين لا يستفيدون ، ومن من أوقاتهم إنها يهدرونها فيها يضرهم ولا ينفعهم، والإنسان بطبعه لا يمكن أن يقعد ويستكين عن الحركة، لكن إن وجه هذه الحركة بما ينفع توجيها سليما عادت عليه وعلى أمته بالخير، وإلا أصبح مرتعا للشياطين يقلبونه كيف شاؤوا ، ولذلك قال العلامة المناوي

عليه رحمه الله : إن الإنسان إذا تعطل عن عمل يشغل باطنه في مباح يستعين به على دينه كان ظاهره فارغاً، ولم يبق قلبه فارغاً بل يعشعش الشيطان ويبيض ويفرخ فيتوالد فيه نسله توالداً أسرع من توالد كل حيوان، ومن ثم قيل : الفراغ للرجل غفلة وللنساء علمة». بل هناك قضية لابد أن نعيها وهي أن تفريط الإنسان في وقته قد لا تعود مغبته على المضيع وحده بل ربما شمل غيره بذلك وهذا الأسف الشديد، تجد شخصاً عاطلاً لا يستثمر وقته يذهب إلى شخص آخر فيضيع وقته ويضيع وقت الآخر معه. حاصل مع

المنطلق الخامس : كيد الأعداء ومحاولتهم إضاعة وقتنا : في الوقت الذي يحرص فيه أعداؤنا على استثمار أوقاتهم يخططون لإفساد أوقاتنا وتضييعها وإشغالنا بسفاسف الأمور بها عن المهم النافع لنا كما جاء ذلك في بروتوكولات حكماء صهيون

ومن بينها قولهم : لكي نبعد الناس عن أن تكتشف بأنفسها أي خط عمل جديد سنلهيها أيضاً بأنواع شتى من الملاهي والألعاب ومزجيات الفراغ والمجامع العامة، وسرعان ما نبدأ الإعلان في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مباريات شتى في كل أنواع المشروعات كالفن والرياضة وما يليها وبهذه وتلك سيفقد الشعب تدريجياً نعمة التفكير بالمستقبل بنفسه وسيهتف بنا»، وهذا لعمر الله واقع فالناس حينما يشتغلون بسفاسف الأمور ينسون أحياناً أن اشتغالهم بهذه الأمور إنما هو كيد مخطط لهم، في الوقت الذي يستثمر فيه الأعداء أوقاتهم ويحرصون كل الحرص على استغلال كل لحظة من لحظاته، وينبغي أن يدرك المسلمون أنهم أولى وأجدر باستغلال واستثمار هذه الأوقات.